بطل العروبة والإسلام عقبة بن نافع

أيها السادة والأبناء،

إنني سأحدثكم الساعة عن عقبة العظيم، وعن جهاده النادر المثال وعن عزيمته الصادقة وروحه المثالية النادرة، إنه لفذ بين الأبطال، وإنه لقدوة لعظماء الرجال في صدر الإسلام الأول أيام كان المؤمنون مؤمنين، وأيام كان المسلمون مسلمين، وانطلق الأبطال يجوبون الآفاق التي حواليهم نشراً لدين الإسلام الخالد وإقامة لدعائم الحضارة الإنسانية الحقة القائمة على أساس : “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي”، فبعد أن توحدت « جزيرة العرب » أم البطولة ووالدة الأبطال، وتكونت الدولة الإسلامية الوارفة الظلال، التي تركها محمد عليه صلوات الله وسلامه لخلفائه من بعده، قاوم أبو بكر الصديق حركة الردَّة التي قام بها رجال العصبية القبلية إلى أن محقها وقضى عليها، وأنقذ الله بلاد العراق العربي، فآمن وأسلم، ثم قوَّض عمر دولة الأكاسرة الفارسية ودمر مجوسيتها ونشر فيها مبادئ الإسلام ودعوة القرآن، فأصبحت منذ تلك الساعة وإلى آخر الحياة الدنيا، منار إسلام وهدى، ومبعث كفاح علمي وحضاري لا يزال يذكر ويشكر، ثم لوى عنان الجهاد إلى الأرض الإفريقية موسعاً رقعة الدولة الإسلامية المحمدية غرب جزيرة العرب، كما وسعها في شمالها الشرقي، وذهب إلى فلسطين الآبية الشريفة فحررها من الأرجاس الأدناس -وما كان بها يومئذٍ من اليهود شيء- إنما كانت بها جموع مستبدة من الروم البيزنطيين، وهي الأعراب وبقايا بني كنعان، وكان الحكم فيها مسيحياً صرفاً، فتسلمها عمر بن الخطاب العظيم بالله، ونشر فيها لواء الإسلام وطهر الصخرة المباركة مما كان عليها من مزابل وقاذورات، ومن القدس الشريف ومن هضاب ورحاب فلسطين العزيزة الغالية، التي ذهبت ضحية الغدر والخيانة والسمسرة الكاذبة الفاجرة، والتي سيعيدها المسلمون بحول الله وقريباً سيرتها الأولى، ذهبت جحافل المسلمين رجالاً وفرساناً تُطَهِّر سوريا ولبنان وتُبْعِد عن بلاد العروبة الأصيلة شرور وآثام الاستعمار البيزنطي الأشر، الذي ما كان له من هم إلا ابتزاز المال وإذلال الرجال.

كذلك أنقذ الله بلاد مصر العزيزة من أغلال الاستعمار الرومي، وأنقذ أقباطها من مذلة الاستعباد ونشر فيها لواء الإسلام، ونفذ فيها أحكام القرآن، ومن رحاب فسطاطها العظيم، سارت كتائب المسلمين الميامين تبيع الأرواح رخيصة في سبيل الله وتقيم دعائم دولة المسلمين، في مغرب الأرض الإفريقية كما أقامتها في مغرب الأرض الأسيوية.

Loading

Bookmark the permalink.

اترك تعليقاً