أرا دوها نقمة فكانت نعمة

حوادث سطيف وناحيتها سنة 1945م محاضرة للأستاذ أحمد توفيق المدني ألقيت في مدينة سطيف بمناسبة الأحداث الشهيرة (السنة غير معروفة)

إن أول كلمة أقولها في هذه المحاضرة، هي تحية إجلال وإكبار، وتقديس وتمجيد، أتقدم بها مخلصاً، لأولئك الشهداء الأبرار، أصحاب الأنفس الزكية، والأرواح النورانية، أولئك الذين وقفوا موقف الرجال الأحرار، يحملون إيمانهم في قلوبهم ويتذرعون بحجة الإسلام والوطنية، ويقفون أمام عدو لدود، وغاصب زنيم، يصرخون في وجهه بكلمة الحق، ويرفعون أمام مثلثه الإجرامي راية الحرية والاستقلال، فحصدتهم نيران البنادق، وأتلفت مدمرات السماء منازلهم ومساكنهم، وأحرقت يد العدوان الاستعماري مزارعهم ومؤنهم، فتساقطوا صرعى وكانوا عشرات الآلاف رجالاً ونساء وصبياناً في سطيف، وفي قالمة، وفي خراطة، ضحية مؤامرة استعمارية دنسة، خبيثة، أرادوا بها القضاء على كل آمالنا في الحرية وأمانينا قي كسر قيود الذل والهوان، والخروج إلى عالم العزة والكرامة، إنما لا يفلح المجرم من حيث أتى، فكانت أعمالهم وبالاً عليهم، وأكلتهم النار التي أوقدوها وقضت عليهم الفتنة التي أثاروها، وربك يُمهل، ولا يُهمل “وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة. إن أخذه أليم شديد” (هود، 102.)

فما هي إلا تسعة أعوام فقط، جمع فيها الشعب قوته، ورتب فيها الشعب أمره، ووحد فيها الشعب كلمته، وانطلق مارداً جباراً كأنما هو إعصار فيه نار، وقال بلسان حاله للظالمين المستعمرين : أردتم ناراً ودماراً، فخذوا اليوم منا نارنا ودمارنا، أردتم موتاً زؤاماً، فذوقوا من أيدينا اليوم طعم الموت الزؤام، أردتم تأبيد الاستعمار، فتعلموا منا كيف نقضي القضاء المبرم على الاستعمار وما فيه من عار وشنار، وللأحرار والشهداء الأبرار عقبي الدار.

كأنما كانت الرصاصة الأولى التي أطلقتموها يوم غرة نوفر من سنة 1954م، يا رجال الأوراس الأشاوس، يا ورثة دونات ومَن وراءه من كتائب الجوَّاسين، كانت رصاصة الوطن كله، كان صوتها هو زمجرة الشعب العملاق الذي انطلق وكأنه إعصار فيه نار، يأخذ بالثأر ويمحو العار، ويمحق الأشرار، ولرجال الشعب الأبرار عقبى الدار.

لو أنصفوا أنصفوا لكن بغوا فبغى   عليهم الدهر بالآفات والمحن
فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم   هذا بذاك ولا عيب على الزمن

رحم الله شهداء الوطن قديماً وحديثاً، أبطال الحرية والاستقلال. منذ أطلقوا الرصاصات الأولى يستقبلون بها جيش الغاصبين سنة 1830م، إلى أن أطلقوا الرصاصة الآخرة عام 1962م يودعون بها الغاصبين، وداعاً لا لقاء بعده أبد ا لآبدين ، ودهر الداهرين.

إن حديثي معكم أيها السادة الجلة، والأبناء البررة، يشمل ثلاثة أقسام..

القسم الأول : المقدمات لحوادث سطيف وكامل جهاتها.

للقسم الثانى : المؤامرة الإجرامية الاستعمارية والمذبحة.

القسم الثالث :النتائح.

أما عن المقدمات فأقول : إن الشعب الجزائري كله، ما عدى حثالة ضئيلة من الخونة الأدناس، قد رفض الاستعمار الذي انحط على جموعه كابوساً رهيباً، وقام ضده بثورات متواصلة لا يكاد يُحصي عدَّها التاريخ، كان يُقدّم فيها بسخاء وكرامة العدد الجمّ من الضحايا، غير حاسب حسابا لما يناله على يد الظالمين من ويل وعذاب أليم، كان يقول وهو يسير تحت قيادة إبراهيم آغا، وأحمد الشريف وعبد القادر الحسني، والمقراني، وبوعمامة، والعشرات من الأبرار أمثالهم، إلى مصطفى بن بوالعيد، ويوسف زيغود، وعميروش، ولطفي، والمليون ونصف المليون من ضحايا حرب التحرير الكبرى، كان يقول أولاً وكان يقول أخيراً النار ولا العار، فما ترك هذا الشعب الجزائري النبيل فُرصة تمُر به خلال قرن وثلث قرن إلا اهتبلها للوقوف في وجه الظالمين، ولتحطيم ظلمهم، واسترجاع الحق الذي اغتصبوه والأرض الخصبة التي استحوذوا عليها، وكامل ثروات الأرض التي أخذوها بغياً وعدواناً، حتى إذا غلبهم الطاغية على أمرهم، ودمر ثورتهم، وفعل الأفاعيل بأهلهم وعشيرتهم، لاذوا بالصبر وانتظروا معركة أخرى آتية لا ريب فيها، وصاحوا بلسان الحال وبلسان المقال : خسرنا معركة ولم نخسر الحرب، وهكذا استمروا خلال تاريخهم الفدائي الطويل، إلى أن حقق الله لهم النصر فكسبوا المعركة الأخيرة ورفعوا عالياً رايات الوطن وأقاموا جدار الاستقلال متينا رفيعا إلى الأبد. والأرض التي عجنت بالدماء الشريفة وغذيت بالأرواح الفدائية الطاهرة لجديرة بأن تتحرر نهائيا، تسمو وتسود، رغم أنف الحاقدين، والمتلاعبين، والخائنين.

تلك الفكرة الاستقلالية التحريرية الوثابة كانت هي العامل الأساسي لإثارة مجازر ناحية سطيف وقالمة وخراطة، كما كانت هي العامل الأساسي لإثارة الحرب التحريرية الكبرى فيما بعد. ولقد كانت آمال الشعب الجزائري فسيحة جداً في الإحراز على حقه الطبيعي بعد الحرب العالمية الثانية، التي دعاها الحلفاء إلى حرب التحرير العالمي، وقالوا أن نهايتها ستكون إحقاق كل حق، والقضاء على كل باطل، ونفخوا في صور الدعاية العالمية. حتى آمن الناس أن ساعة الخلاص قد دنت، وأن شمس الاستعمار قد آذنت بالأفول.

على أن الدعوة إلى تحقيق الاستقلال الوطني الجزائري كانت تسير سيرها الموفق، كموجة عارمة تزيدها قوة الرياح التحريرية العالمية قوة وارتفاعا. فحزب الشعب الجزائري. الذي ورث جماعة نجم شمال أفريقيا، والذي اتخذ فيما بعد اسم حزب انتصار الحريات الديمقراطية. كان ينادي بالاستقلال علنا، جهاراً، منذ عشرين سنة، وقد نظم صفوفه أحسن تنظيم، وبث دعاته في كل جهات الوطن الجزائري. وجمع الشعب حول فكرة الاستقلال الطبيعية التي هي غريزة في الشعب الجزائري كما أسلقنا، وكان رجاله يعتقدون أن نهاية هذه الحرب العالمية الثانية هي إشراق شمس الاستقلال بعد بذل الجهود النهائية لا محالة.

والذي زاد يقين الشعب في الحصول على الاستقلال وتمزيق أغلال المحتلين هو انهزام فرنسا المخجل الشنيع سنة 1940م، وركوعها تحت أقدام الألمان مستخذية منهارة، وكانت ألمانيا تبث يومياً من إذاعة برلين، تحت عنوان “حيي العرب” دعاية واسعة عريضة لسكان تونس والجزائر والمغرب الأقصى، يتولى كبرها رجال من العرب هما الأستاذ الشيخ تقي الدين الهلالي، والأستاذ يونس بحري، فظن الجزائريون خيراً بألمانيا، واعتقدوا أن خلاصهم من براثن الاستعمار الفرنسي يكون بعد انتصارها. فما كانت فرنسا تنهار وما كادت لجان الهدنة الألمانية الإيطالية المستقرة بالبلاد الجزائرية حتى علمنا علم اليقين أن تلك الدعاية إنما كانت كذباً وزوراً، وأنها كانت وسيلة لتحطيم فرنسا بفصل المسلمين عنها، وقالوا صراحة للسياسيين من الجزائريين: إننا لا نستطيع الآن إقامة حكومة جزائرية في البلاد، لأننا بذلك نغضب الشعب الفرنسي المغلوب على أمره، فينقلب على لافال، وبيتان، وينضم بقضه وقضيضه إلى ديقول.

يئسنا منهم، إلى أن جاء غيرهم فيئسنا منه أيضاً.

ذلك أن الأميركيين نزلوا ضيوفاً غير كرام ببلدنا، وأخرجوا منها لجان الهدنة الألمان، ونشروا جيوشهم وجمعوا سلاحهم لمهاجمة أوروبا، وقد كانوا ينشرون قبل احتلالهم أرضنا دعاية واسعة يقولون أنهم سيمكنون أهل البلاد من حكم أنفسهم، ونزع أغلال الاستعمار من رقابهم، بل لقد حاول دعاتهم إقناعنا بأنهم سيباشرون تشكيل حكومة جزائرية إسلامية تقوم ساعة حلول الأميركيين بالبلاد، كما تقوم حكومة مؤقتة للأوروبيين ترعى مصالحهم، وتتشكل لجنة من رجال الحكومتين لتنسيق الأعمال بينهما حتى إذا وضعت الحرب أوزارها سُويت قضية الجزائر كما تُسَوَّى قضايا كل الشعوب المستعمَرة. وقد باشرنا فعلاً تشكيل حكومة وطنية وحررنا الخطاب الذي سيلقى على الشعب بواسطة مذياع الجزائر وبقينا ننتظر على حذر. وجاء ‏اليوم الموعود ونزلت الجيوش الأميركية الجرارة واحتلت مدينة الجزائر بدون مقاومة، وطاب لهم المقام لكنهم لم ينسوا إلا شيئاً واحداً، ألا وهو إعلان الحكومة الجزائرية. وعندما سئلوا عن ذلك أجابوا بأنهم لم يكونوا ينتظرون وجود الأميرال دارلان في البلاد، وأنهم يخشون مغبة إغضابه وإغضاب الفرنسيين معه، فينفضون من حول ديقول، ويلتفون حول المارشال بيتان والألمان.

وهكذا كان قولهم كقول الألمان من قبلهم، مع تغير الأسماء فحسب.

يئسنا منهم، منهم جميعاً، ما حك جلدك مثل ظفرك، فلنعتمد على أنفسنا خاصة ولنكن رجالاً أشداء ، كما كان أجدادنا رجالاً أشداء.

فخلال شهر جانفي من سنة 1943م، اجتمع بالعاصمة الجزائرية جماعة من السياسيين وتداولوا في قضية الجزائر ووضعيتها الجديدة بين الفرنسيين والأميركيين. وبعد مذاكرات طويلة، أسفر اجتماعهم عن قرار يقتضي أن تكون مطالب الجزائر المستعجلة حسب المنهاج التالي :

أولا : إلغاء النظام الاستعماري بكل ما فيه.

ثانياً : إعلان دستور جزائري حرّ، يضمَن تساوي الجميع في الحقوق وفي الواجبات.

ثالثاً : حرية فعلية للصحافة والمؤسسات.

رابعاً : التعليم العمومي إجباري على جميع السكان بالعربية.

خامساً : فصل الدين الإسلامي عن الحكومة، كبقية الأديان.

سادسا : مشاركة الجزائريين في حكومة الجزائر حالاً على أن تكون هذه الحكومة وليدة رغائب الشعب.

سابعاً : تكوين الدولة الجزائرية وإعلانها بعد انتهاء الحرب، يتمتع فيها الجزائريون والفرنسيون بحقوق المواطنة الكاملة، ويبقى لفرنسا حق الإشراف على هذه الدولة.

كلَّف المجتمعون الأستاذ فرحات عباس بتحرير بيان مفصل يشمل تلك المطالب المستعجلة. فبعد أيام، جاءنا الأستاذ فرحات بذلك البيان الذي صادقت عليه الأغلبية وقُرر نشره تحت اسم “بيان للشعب الجزائري” وقدم رسمياً للحكومة الفرنسية وبصفة هامشية للسلطة العسكرية الأمريكية يوم 31 مارس 1943م.

وطال الانتظار ودار لقمان على حالها، بل ازداد منظرها وحشة، وازداد داخلها سوءاً، وبعد سنة كاملة من ذلك، أي يوم 12 ديسمبر 1943م، جاء الجنرال ديقول إلى قسنطينة، ليلقى فيها خطابه المنتظر من الجميع، ويا لها من خيبة أمل! فقد أعلن فيه مَنْح نُخبة من للجزائريين حقوق الفرنسة الكاملة، مع محافظتهم على الحقوق الشخصية الإسلامية. وصدر بذلك قرار 7 مارس 1944م فتعالت أصوات الجزائريين بخيبة الآمل، وتعالت أصوات الفرنسيين بالرفض، وأضمر كل من الجانبين شيئاً في قلبه، وسادت الجزائر أزمة نفسية خانقة.

كانت جمعية العلماء المسلمين مستمرة رغم كل المضايقات على أعمالها الدينية والتعليمية، تبث بواسطة المدارس وبواسطة المساجد والمحاضرات. فكرة الإسلام الصحيح المبنية على التضحية وعلى الجهاد، وكانت توجه الأمة توجيهاً صحيحاً نحو سيرة محمد عليه الصلاة والسلام وسيرة أصحابه الأكرمين، الذين أخرجوا العالم من الظلمات إلى النور بواسطة الإسلام وتعاليم كتاب الله الخالد. ونشطت حركة الجمعية وعمَّت دعوتها وانتشرت في كل البقاع، أثناء رئاسة العلامة البحر الشيخ البشير الإبراهيمي، الذي اختاره العلماء رئيساً لهم، بعد انتقال الزعيم المسلم الخالد الشيخ عبد الحميد بن باديس، قدس الله روحيهما، وقد انتُخب الإبراهيمي وهو بدار المنفى في الجنوب الجزائري وما كاد يُطلق سراحه حتى برزت الجمعية قوة عارمة في البلاد، تُمثل فكرة الإسلام الخالد الصحيح، وتَبُث أنوار العلم والهدى، وتُبَشر الأُمة بمستقبل سعيد.

وهكذا كانت حركات الشعب الجزائري الثلاث متجهة كلّها نحو هدف واحد هو التحرر المطلق، إنما كانت سالكة سبلاً مختلفة، فحزب الشعب كان ينادي بالاستقلال التام المطلق. وانتخاب مجلس تأسيسي جزائري، يَسُن الدستور ويُشَكل الحكومة، وحزب البيان كان يَرى وُجوب إعلان استقلال داخلي واسع وسريع، يمسح صفحة الاستعمار ويحقق التساوي المطلق بين كل المواطنين وهم على نسبة 7 جزائريين مقابل 1 من الأوروبيين. أما جمعية العلماء، فكانت توجه جماعات الشعب نحو تعاليم الإسلام الصحيح وتبث روح التضحية والجهاد الإسلامي الحق من أجل الحياة الحرة الكريمة.

وسارعت كل هذه الحركات قُدُماً، تختلف ظاهراً في الأساليب وتتفق حقيقةً في الأهداف.

إنما كانت أمامهم جميعاً قوةٌ رهيبة، فظيعة، قاسية، هي قوة الاستعمار الفرنسي، قوة السلطة الفرنسية، قوة الجيش الفرنسي الذي اندحر أمام الألمان، إنما تنمّر أمام الجزائريين، قوة الجالية الفرنسية والمتفرنسة التي ترى أنها وحدها صاحبة الحق وأنها وحدها صاحبة الحكم المطلق والأمر المطاع وأنها أخذت القطر الجزائري بالقوة، وحَكَمَته بالقوة، ويجب عليها أن تحافظ عليه بالقوة، فالعدو أمامها اليوم هو هذا الجزائري الذي أخذ يتطلع إلى مناصب الحكم وإلى تنظيم الدولة، بعد أن كان خاضعاً ذليلاً، لا يتطلع إلا إلى لقمة عيش بائس يزدردها، ومحراث مستعمر يجره جاهداً مدى حياته.

إذاً، فلا بد أن تلتقي القوتان في معركة رهيبة، كانت مقبلة لا محالة، وكان ذلك هو اعتقاد الجميع.

انهارت ألمانيا، وانهار حلفاؤها وأصبح يوم عقد الهدنة قريباً جداً على قاعدة استسلام ألمانيا دون قيد ولا شرط.

وجاء يوم غرة ماي 1945 فأمر حزب الشعب العظيم جموعه الشعبية الغفيرة بالخروج ذلك اليوم للمشاركة في عيد العمال، على أن يهتفوا بالاستقلال الجزائري وأن يرفعوا العلم الجزائري -الذي هو علمنا الرفيع المطهر اليوم- وكان يوماً رهيبا، إذ التقت قوة الشعب وقوة الاستعمار وجها لوجه في ساحات العاصمة الكبرى، ولم يكن الجزائريون مسلحين إطلاقاً -بأمر من الحزب- فضُربوا وأُهينوا، واستُشهد أحدُهم، وهو زياد عبد القادر ورفيقه ابن الحفاف حين كانا يهتفان باستقلال الجزائر فإلى رحمة الله ورضوانه.

تلك كانت المقدمة الفعلية لحوادث يوم 8 ماي 1945م الرهيبة، الفاجعة، التي أراد بها الجزائريون المناداة بحقهم في الحرية والاستقلال، وأراد بها المستعمر، سلطةً وشعباً، إعطاء ضربة قاسية رهيبة للشعب الجزائري حتى يرى أن القوة وحدها هي الحاكمة، وهي المطلقةُ الإرادة، وهي التي تأمر ويَجب أن تطاع، وهي التي بيدها حياة أم موت الشعب الجزائري.

فَهِمنا جميعاً يومئذ أن يوم الفصل قد أتى، وفي جلسة خاصة قرر الزعيمان فرحات عباس والبشير الإبراهيمي إرسالي إلى تونس، كي أتفق مع رجال الحزب الدستوري بشِقَيه وهو يومئذ منقسم إلى لجنة تنفيذية وإلى ديوان سياسي، على توحيد حركة المقاومة بين القطرين، وتوحيد المنهاج الذي يجب أن يُتبع، فإن وقع الاتفاق على المبدأ، انعقد اجتماع موسع، يعقبه العمل المشترك.

وقررت السفر حالا، فكنت يوم 8 ماي1945م شاهد عيان وأنا اجتاز الطريق بين الخروب وتونس، أرى تلك الحوادث الوحشية الهائلة، وما رأى كمن سمع، فإن كلمتكم عنها، فما أخذت معلوماتي عن صحف أو عن تقارير بل أقص عليكم ما رأته عَيناي.

كانت الحكومة تعلم، وكان رجال حفظ الأمن يعلمون أن حزب الشعب الجزائري قد أمر رجاله بالتظاهر في مدينة سطيف وما حواليها، يوم احتفال القوم بانعقاد الهدنة بعد انهيار النظام النازي الهتلري الفظيع، على أن يَرفعوا أثناء تلك التجمعات العَلَم الجزائري وأن يهتفوا بالاستقلال الجزائري على أن  تكون مشاركتهم سلمية بَحتة، وأن لا يَرُدوا بِقُوة أو بِعُنْف على أعمال الأوروبيين إذا ما تحرشوا بهم، فما كان مقصدهم من هذه المشاركة في الحفلات إلا وضع القضية الجزائرية في مدارها الصحيح، وهو المطالبة بالاستقلال. خاصة وأن الجيش الجزائري الذي جندته فرنسا من أجل الدفاع عن وجودها. كان له القسط الكبير في ذلك النصر، وبُطولاته لا تُنْكر أبداً في كاسينو بإيطاليا، وفي الواجهة الأوروبية ضد ألمانيا، وكانت تلك الفرق الجزائرية الغفيرة العدد لا تزال في أوروبا، ولم ينزع سلاحها بعد، بل لقد أكد لي في مدينة سطيف الباسلة الصامدة، أحد قدماء رجال حزب الشعب، أنهم تلقوا أمراً من الحزب بتفتيش المتظاهرين القادمين من خارج المدينة، ونَزْعِ سلاحهم حتى تُضْمَن سلامة المظاهرة من كل عنف.

هكذا كان تخطيط الحزب الذي تولى كِبَر هذه المظاهرة وقاد جماعاتها، ولم تكن المظاهرة الرهيبة خاصة في حقيقة أمرها برجال الحزب وحدهم. فإن الأغلبية الكبرى من رجال الشعب، وهم كما علمتم فيما سلف في حالة هيجان وغليان، قد شاركوا في المظاهرة العظمى، لإظهار رغبتهم قي الاستقلال. وتضامناً مع المطالبين به.

هكذا كانت الحالة بالنسبة للجزائريين. أما بالنسبة للأوروبيين فكانت على عكس ذلك تماماً، كانت مؤامرة إجرامية حقيقية، مدبرة بمهارة وإحكام، في سرّية  تامّة.

لقد كانوا يعلمون أن الحزب أمر بالقيام بمظاهرة صاخبة يوم إعلان الهدنة، وقد قال الجنرال هنري مارتان القائد الفرنسي لجيش تلك الناحية في بيان له: “لقد كنا نعلم في سطيف من مصادر مختلفة، أن حزب الشعب الجزائري بصدد تنظيم حركة انتفاض شاملة” ذلك أن أمر هذه المظاهرة، وإن كان سريا، قد ذاع، وكان من الطبيعي أن يذاع،  فالجوسسة الفرنسية كانت دائمة السهر والعامة الشعبية لا تستطيع إخفاء سر ولو كانت على ذلك حريصة. 

طارت المعلومات الأولى من قسنطينة إلى الولاية العامة الجزائرية. وكان إلى جانب الوالي العام الفرنسي مسيو شاطنيو، أميناً للولاية يدعى مسيو قازاني، وهو من أكثر الفرنسيين تعصباً للمسيحية بوجهها الأسود الصليبي، ومن أكثرهم عداءً صريحاً للدين الإسلامي وامتهاناً له وحَمْلة عليه، زد إلى ذلك أنه كان عدواً حقوداً للوالي العام يدبر له المكائد، ويعمل ضده بشتى الوسائل.

وأخذت المؤامرة تتخذ شكلها النهائي بين ثلاثة رجال إلى جانب قازاني السالف الذكر أولهم لستراد كاربونيل، عامل ابريفي «قسنطينة»، وثانيهم أشيارى، نائب العامل في مدينة قالمة، وثالثهم الجنرال هنري مارتان سالف الذكر. 

قرروا فيما بينهم أن تكون مظاهرة يوم الهدنة ضربة قاضية، تصيب الجزائريين -في تلك الناحية الملتهبة- في أبدانهم، وفي ممتلكاتهم. وفي ذويهم، مما ينتج عنه فعلاً انهيار عزائمهم، ويأسُهم من تحقيق مطالبهم، وبالتالي بقاؤهم طائعين مخلصين للطغيان الفرنسي الفظيع، فنظموا الأمر وخططوا للمذابح على أوسع نطاق. 

كنت صبيحة يوم الثامن ماي قي القطار وما وصلت بلدة الخروب حتى فوجئت بحركة غير طبيعية ولا معتادة، كانت المحطة محتلة بجموع عسكرية مختلفة، وكان إلى جانبها عدد كبير من رجال المليشيا الفرنسية. وهم شباب متحمس متهور، دون سن الخدمة العسكرية. كانت النار تَتَّقد في عيونهم، وكانت البغضاء متجلية على وجوههم وانهالوا على قطار السكة الحديدية تفتيشاً دقيقاً في أمتعة المسافرين. فوجدوا قي قفة عجوز من ركاب الدرجة الثالثة سكينا مع شيء من الخبز وطعام قليل، وزجاجة ماء فانهالوا عليه دون شفقة ضربا ولكماً وصراخاً: آه، بيكو ! تحمل سكيناً لذبح النصارى ! ثم ساقوه إلى آخر القطار وسمعت طلقة مسدس، وتأوهاً خفيفاً، وانتهى كل شيء. كان ذلك حوالي الساعة الثامنة صباحاً، بينما حوادث سطيف -مركز المؤامرة- لم تبتدئ إلا على الساعة العاشرة.  وفي هذا العمل الدلالة القاطعة على استعداد القوى الاستعمارية للشر في ذلك اليوم الرهيب.

وسرنا في طريق تونس إلى نحو منتصف النهار وعندئذ وجدت نفسي داخل منطقة حرب حقيقية، فيها الطائرات والمدافع ومختلف الأسلحة النارية والحديدية، إنما كان ذلك من ناحية الأوروبيين فحسب، لأنهم تسلحوا واستعدوا منذ أمس بينما الجزائريون استعدوا لمظاهرة سلمية منزوعة السلاح.

في سطيف كانت المظاهرة عارمة، صاخبة، وكان يسودها التهيج من الجانبين إلا أن الجماعة الجزائرية كانت تسير هاتفة بالحرية والاستقلال. وكان يتقدمها صبي يقترب من المراهقة. يرفع عَلَماً جزائرياً بدائي الصنع، فإذا بأحد رجال الآمن يعترضه صارخاً، هات هذا العَلَم ! وأبى الصبي تسليمه، فوقعت مشادة بينهما، تدخل فيها جماعة الأمن وجماعة المتظاهرين. فما كان من رجل الآمن إلا أن أطلق مسدسه على صدر الصبي الشهيد الأول سعال بوزيد، فأرداه قتيلاً لحينه، يتخبط في الطهارة والفدائية، واختلط الحابل عندئذ بالنابل، وانقلبت المظاهرة السلمية إلى معركة، بل إلى مذبحة. فرجال الأمن كانوا ينهالون على المتظاهرين ضرباً بالرصاص، وكان الشهداء يتساقطون في كل مكان، بينما لم يصب رجال الأمن ورجال المليشيا إلا بضربات العصيّ أو الحجارة، وتعالت أصوات المنكر والنكير، ثم دافع الجزائريون عن أنفسهم بما استطاعوا، وانسحب الذين جاءوا من القرى والمدن القريبة إلى منازلهم، ويخبرون الناس بالحادث الرهيب، فما من بلدة كان فيها جماعة من الأوروبيين إلا واحتدمت فيها معركة، يتولى فيها الأوروبيون كِبَرَ الهجوم، تحت تأثير الخوف والفزع، والطاعة للأوامر السرية التي أذاعها المتآمرون، بينما كان الجزائريون يدافعون عن أنفسهم وعيالهم، بما أمكن لهم من سلاح طفيف.

أما بالبادية، ومنذ منتصف النهار كنتُ أرى الطائرات الحربية الفرنسية تلقي على البعد ميمنة وميسرة، قنابلها فوق القرى الفقيرة المعدمة، فتتصاعد منها النيران وتعلوها آكام من الدخان. وكنا نسمع -والقطار يسير بهدوء- أصواتاً تُشبِه الأنين والنَّحيب وأحياناً نسمع أصوات استغاثة رهيبة تشترك فيها أصوات الرجال والنساء والصبيان ممزوجة بطلقات البنادق والمسدسات.

وكانت حدة المناظر المزعجة تزداد كلما تقدمنا في الطريق. كنا نرى جماعات آدمية تائهة على وجوهها، تسير على غير هدى، فارة بنفسها من خطر موت محدق فظيع، ولا ريب أنها تركت في ركام القرابى المحترقة جثت أباء وأمهات وصبيان ممن أعدمتهم قنابل الطائرات أو حصدتهم خناجر ومسدسات المليشيا، أو الطابور المغربي الفظيع الذي شارك في تلك المهمة الوحشية مشاركة تذكر ولا تشكر حتى إذا ما اقترب القطار من محطة قالمة، رأينا قطيعاً بشرياً غفير العدد، مؤلف من رجال ونساء وصبيان، جالساً فوق أديم الأرض، تعلو وجوههم علامات الجزع والفزع، وقد أحاط بهم من كل جانب رجال المليشيا والطابور المغربي. وهم ينتظرون تنفيذ القضاء المبرم. ودخل القطار محطة قالمة فكان أشبه شيء بثكنة عسكرية تكاد نيران الحقد الأعمى والغل الأسود أن يتطاير شررها إلى كل اتجاه. وكان الخبيث أشيارى قد فعل هنالك الأفاعيل، وأطفأ نار حقده في دم الأبرياء المساكين. بل لقد علمت فيما بعد أنه اعدم الشبان من حملة الشهادة الابتدائية من الجزائريين، وهم لم يفعلوا شيئاً، ولم يشتركوا في مظاهرة، إلا أنه أعدمهم اتقاء لشرهم في المستقيل وقد أمرهم يحضر أخدود طويل تحت حراسة رجال الطابور والميليشيا وبعض الجند النظاميين، حتى إذا ما أتموا مهمتهم، أُلقي الزبانية فيه، وانهالوا عليهم بطلقات البنادق والمسدسات ثم حثوا عليهم التراب.

أما بنواحي خراطة، فقد قُصَت علينا قصص رهيبة عما فعله رجال اللفيف الأجنبي المأجور في جماعات غفيرة من رجال الشعب، حيث كانوا يمسكون بالرجل ويلقون به من أعلى فج خراطة الشهير فيموت ممزق الأوصال، مهشم العظام فوق الصخور.

وكان المجرمون قد أشركوا البحرية الفرنسية في تلك المذبحة الفظيعة، فكانت البارجة (دوقاى اتروان) راسية تجاه الجانب الشرقي من جبال القبائل الكبرى ترمي بقنابلها الفتاكة على الجهات التي كان يراد إتلافها، فنبت الموت جزافاً بين صفوف المواطنين.

واستمرت أعمال الفتك والدمار قائمة على قدم وساق، ثلاثة أيام بلياليها، إلى أن ساد الخراب والدمار كامل الناحية، ‎ ‏ فزالت قرية “شيفرى” من الوجودي ولم يبق من سكانها أحد، ونالت يد النقمة مدن بجاية، وصدراته، والمنصورة، والحروش، وجيجل، وعزابة، والميلية، فأُعدم فيها من أُعدم، وعُذِّب فيها من لم يُعدم، واشتم الجزائريون كافة رائحة الموت

Manque la page 223

للبيان الجزائري. أما الزعماء الذين ألقي القبض عليهم في  الجزائر بعد الحوادث فقد بقوا في السجن إلى يوم 16 أوت 1946م ورجعوا إلى عالم الحرية ليستأنفوا الكفاح من جديد  بقوة العزيمة، وقوة الإيمان.

وهكذا أيها السادة الجلة والأبناء الأعزة، قد غُرست  شجرة الحرية في بركة من الدماء الطاهرة، وأتت والحمد لله  أُكلها بعد حين.

توقفت المذابح بعد أربعة أيام، تحت تأثير الرأي العام في  الجزائر وفي غيرها من بلاد العالم فقد قامت قيامة الأحرار في  كل بلاد الدنيا، وفي الجزائر بالذات، وأخذوا ينددون بشدة  وصرامة بتلك الأعمال الوحشية الفظيعة، ويكشفون أسرارها  ويحللون أسبابها .وأحرز قصب السبق في ذلك المجال كُتَّاب مبجلون في جريدة الجزائر الجمهورية «الجي ريبوبليكان» من أمثال  ميتشل روزى والجنرال توبير. ولم يمض إلا قليل من الوقت  حتى اجتمع مجلس الأمة الفرنسي، وتتداول البحث قي تلك  القضية فكانت جلساته المتوالية التي دامت أياماُ عبارة عن معرض هائل شرحت فيه بأجلى بيان تلك المؤامرة الإجرامية، وكشفت بالأرقام والبراهين القاطعة تلك المذابح الرهيبة. ومن أهم البيانات  التي ألقيت، وكان لها دوي عظيم، بيان الجنرال توبير، وبيان  جوزي أبو الخير وبيان الدكتور ابن جلول، فمن جمع أعداد  الجريدة الرسمية الفرنسية التي نشرت نصوص تلك البيانات في وقتها ، حصل على سجل ثمين، لأغرب فظائع القرن العشرين.

ولقد كتبت فيما بعد مقالاً بجريدة الإصلاح كشفت فيه اللثام للقراء العرب الجزائريين عن هاتيك الفظائع والآثار ثم تناولته يد المجاهد الفلسطيني الكبير محمد علي الطاهر رحمه الله، فطبع منه على آلة الاستنسل ألف نسخة وزعها على كامل صحف المشرق العربي، ومنه عرف إخوتنا ما حل بنا من نكبة إنسانية فظيعة، واشتد هنالك النكير على فرنسا وعلى أسلوبها، وعلى فظاعة مستعمريها.

ومن أعجب العجب أنه لم يصدر بالجزائر كتاب عن هذه المذبحة التي كانت مقدمة الثورة الكبرى أو الحرب التحريرية الجزائرية. وإنه لمن الواجب المؤكد أن يصدر ذلك الكتاب، ولو في عصر الحرية والاستقلال، ليكون مقدمة لكتابة تاريخ حرب التحرير.

ومما أسجله بفخر وإعجاب للمركز الوطني للدراسات التاريخية، أنه تمكن بواسطة مسابقة عامة،.ذات جوائز مالية وأدبية سخية، من جمع ما يزيد عن العشرة آلاف وثيقة ممتازة عن تلك الحوادث الرهيبة، ممن شاهدوها واصطلوا بنارها، ونحو ثمانية آلاف وثيقة عنها، تقل أهمية عن الأولى.  فتلك الوثائق الثرية الصادقة توجد في خزائننا، مرتبة، منظمة، مبوبة، وهي لا تنتظر إلا الأيدي العاملة المخلصة التي تخرج منها كتاباً قيماً صادقاً، يسجل على جبهة الاستعمار صفحات العار والشنار، وإن هذه الوثائق موضوعة تحته تصرف وطلب كل الباحثين. 

ما أغنى عن الاستعمار الفرنسي بعد ذلك من سن دستور أبتر للجزائر، ومن القيام بتدليس انتخابي فظيع، قامت به السلطة الاستعمارية جهاراً، فحوادث 8 ماي قد رسمت بنارها خطوط المستقبل، وقد وجهت الأمة التوجيه الصحيح الذي لا التواء فيه، لا يُؤخذ الحق إلا ببذل الدماء، ولا تُنال الحرية إلا بالفدائية، ولا يتحقق الاستقلال إلا ببذل الأرواح المجاهدة الطاهرة.

يومئذ أخذت الجزائر تستعد لليوم الرهيب، يوم تبيض وجوه المجاهدين، وتسود وجوه المستعمرين. أخذ حزب انتصار الحريات الديمقراطية ينظم الكتائب، ويرتب مراكز الكفاح، وينشر فرق التنظيم السري (O.S.) .يَعُدّ الأمة ليوم الفصل، ويجمع ما يمكن جمعه سريأ من السلاح. ونشطت إلى جانبه الأحزاب، كحزب البيان، والهيئات كجمعية العلماء المسلمين. حتى إذا اشتد ساعدها جربت للمرة الأولى اتحاداً جزائرياً عاماً، سنة 1952م، بتأسيس جماعة الدفاع عن الحرية، وكنا نجتمع دوريا في مكتبي بشارع لالير بالعاصمة، وكان الاجتماع يضم نخبة الأحزاب المؤتلفة، من حزبي انتصار الحريات الديمقراطية والاتحاد الديمقراطي للبيان وجمعية العلماء والحزب الشيوعي الجزائري. فرتبنا مسيرتنا، واتصلنا بالشعب اتصالاً مباشراً، وبعثنا من جمعية العلماء الخطباء المفوهين يستحثون الشعب على العمل الساعي المنظم من أجل التحرر ومن أجل البقاء.

وما هي إلا سنتان بعد ذلك، استعد فيها الشعب، وانتظمت فيها القيادة الجديدة على أنقاض فساد قديم، فأُبعد من كان يجب أن يبعد، وأُحضر من كان يجب أن يحضر، وتألفت قي خفاء وسرية تامين جماعة اللجنة الثورية للاتحاد والعمل ونشرت على الأمة بيانها الأول، مصحوباً بنفخة هائلة في صور الثورة العظيم فكانت قيامة يوم غرة نوفمبر 1954، وإذا بأرض الجزائر كاملة، تُزلزل زلزالها، وتُخرج أثقالها، فإذا بالزلزال ثورة عارمة، عامة، هائلة، من صميم الشعب، انبثقت أنوارها في لحظة واحدة من جميع الجهات، وكان الجهاد، وكان الاستشهاد. وكانت الإرادة القوية الهائلة التي لا يستطيع بلد غير الجزائر بذلها والثبات عليها، إلى أن ذاق الاستعمار وبال أمره وضاقت عليه الدنيا بما رحبت، وما أغنى عنه ما ارتكب وما ابتكر من تعذيب، وقتل وإجرام، فقد كانت الأمة جمعاء مستعدة لبذل الثمين وكان الانتصار العظيم، وكانت الحرية الغالية، وكان الاستقلال العزيز المنال، هذا هو جوابنا على فضيحة 8 ماي 1945م.

قـــــد أرادوه لنا يـوم الفنا   فـــجـعـلــنا لــنا يــوم الخــــلــود
لا ينال الشعب إلا بــالدما   حـقـه الثابـت قي هذا الوجـود
هذه أمــجادنا شـــامـــخــــة   في سماء العز من أرض الجدود
وانـــظروا أعلامـــنا خافـقة   فاحمدوا الله، وطوبى للشهــيـد

Loading

Bookmark the permalink.

اترك تعليقاً